قائمة المدونات الإلكترونية

إقـرأ بـ لغتـك

Arab to Chinese (Simplified) BETA Arab to English Arab to French Arab to Italian Arab to German Arab to Italian Arab to Japanese BETA Arab to Korean BETA Arab to Russian BETA Arab to Spanish

جـديـد المـوقـع

02‏/08‏/2010

الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

ان راحه القلب وسروره وزوال همومه وغمومه ، هو المطلب لكل واحد ،وبه تحصل الحياه الطيبه ، ويتم السرور والابتهاج ، ولذلك اسباب دينيه ، وطبيعيه ، وعمليه ، ولا يمكن اجتماعها كلها الا للمؤمنين ، واما من سواهم فأتتهم من وجوه انفع واثبت وأحسن حالا" ومالا" .
وسأذكر برسالتي هذه ما يحضرني من اسباب لهذا المطلب الأعلى الذى يسعى له كل واحد .
فمنهم من اصاب كثيرا" منها فعاش عيشه هنيه ، وحيا حياة طيبة ، ومنهم من اخفق فيها كلها فعاش عيشه الشقاء وحيا حياة التعساء .ومنهم من هو بين بين ، بحسب ما وفق له .
والله الموفق والمستعان به على كل خير وعلى دفع كل شر .



1-السبب الاول

الايمان والعمل الصالح ،قال تعالى : ((من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياه طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانو يعملون)) النحل:97
فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الايمان والعمل الصالح بالحياه الطيبه فى هذه الدار ، وبالجزاء الحسن فى هذه الدار ، وفى دار القرار .
وذلك لان المؤمن بالله الايمان الصحيح ، المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والاخلاق والدنيا والاخرة ،معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ، وأسباب القلق والهم والاحزان .
يتلقون الحاب والمسار بقبول لها ،وشكر عليها ، واستعمال لها فيما ينفع ، فاذا استعملوها على هذا الوجه أحدث لهم من الابتهاج بها ، والطمع فى بقائها وبركتها ، ورجاء ثواب الشاكرين ، أمورا" عظيمه تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هي ثمراتها .
ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه ، الصبر الجميل لما ليس لهم عنه بد ، وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة ، والتجارب والقوه ، ومن الصبر وإحتساب الأجر والثواب أمورا" عظيمه تضمحل معها المكاره ، وتحل محلها المسار والآمال الطيبه ، والطمع فى فضل الله وثوابه ، كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فى الحديث الصحيح أنه قال : ((عجبا" لأمر المؤمن ان أمره كله خير ، ان أصابته سراء شكر فكان خيرا" له ، وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا" له ، وليس ذلك لأحد الا المؤمن )) رواه مسلم .
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله فى كل ما يطرقه من السرور والمكاره .
لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أو الشر ، فيتفاوتان تفاوتا" عظيما" فى تلقيها ، وذلك بحسب تفاوتهما فى الايمان والعمل الصالح .
هذ ا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما يتبعهما ، فيحدث له السرور والإبتهاج وزوال الهم والغم ، والقلق ، وضيق الصدر ، وشقاء الحياة ، وتتم له الحياة فى هذه الدار .
والآخر يتلقى المحاب بأشر وبطر وطغيان ، فتنحرف أخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم بجشع وهلع ، ومع ذلك فانه غير مستريح القلب ، بل مشتته من جهات عديدة ، مشتت من جهة خوفه من زوال محبوباته ، ومن كثرة المعارضات الناشئة عنها غالبا" ، ومن جهة ان النفوس لا تقف عند حد بل لا تزال متشوقه لامور أخرى ، قد تحصل وقد لا تحصل ، وان حصلت على الفرض والتقدير فهو أيضا" قلق من الجهات المذكورة . ويتلقى المكاره بقلق وخوف وجزع وضجر ، فلا تسأل عن ما يحدث له فى شقاء الحياة ، ومن الأمراض الفكرية والعصبية ، ومن الخوف الذى قد يصل به الى اسوء الحالات وافظع المزعجات ، لأنه لا يرجو ثوابا" ولا صبر عنده يسليه ويهون عليه .
وكل هذا مشاهد بالتجربة ، ومثل واحد من هذا النوع اذا تدبرته ونزلته على أحوال الناس ، رأيت الفرق العظيم بين المؤمن العامل بمقتضى ايمانه ، وبين من لم يكن كذلك ، وهو أن الدين يحث غايه الحث على القناعة برزق الله ، وبما أتى العباد من فضله وكرمه المتنوع .
فالمؤمن اذا ابتلى بمرض أو فقر ، أو نحوه من الأغراض التي كل واحد عرضه لها ، فانه بايمانه وبما عنده من القناعة والرضى بما قسم الله له ، ينظر الى من هو دونه ، ولا ينظر الى من هو فوقه ، وربما زادت بهجته وسروره وراحته على من هو متحصل على جميع المطالب الدنيوية اذا لم يؤت القناعة .
كما تجد هذا الذى ليس عنده عمل بمقتضى الايمان ، اذا ابتلى بشئ من الفقر ، أو فقد بعض المطالب الدنيوية ، تجده فى غاية التعاسة والشقاء .
واذا حدثت أسباب الخوف وألمت بالإنسان المزعجات تجد صحيح الايمان ثابت القلب ، مطمئن النفس ، متمكنا" من تدبيره وتسييره لهذا الأمر الذى دهمه بما هو فى وسعه من فكر وقول وعمل ، قد وطن نفسه لهذا المزعج الملم ، وهذه الاحوال تريح الإنسان وتثبت فؤاده .
كما تجد فاقد الايمان بعكس هذا الحال اذا وقعت المخاوف أنزعج لها ضميره ، وتوترت أعصابه ، وتشتتت أفكاره وداخله الخوف والرعب ، واجتمع عليه الخوف الخارجي ، والقلق الباطني الذى لا يمكن التعبير عنه ، وهذا النوع من الناس ، ان لم يحصل لهم بعض الأسباب الطبيعية التي تحتاج الى تمرين كثير ، انهارت قواهم وتوترت أعصابهم وذلك لفقد الايمان الذى يحمل على الصبر ، خصوصا" فى الأحوال المحزنة المزعجة .
فألبر والفاجر ، والمؤمن والكافر يشتركان فى جلب الشجاعة الاكتسابية ، وفى الغريزة التي تلطف المخاوف وتهونها ولكن يتميز المؤمن بقوة ايمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه ، واحتسابه لثوابه – أمورا" تزداد بها شجاعته ، وتخفف عنه وطأة الخوف ، وتهون عليه المصاعب ، كما قال تعالى : (( ان تكونوا تألمون فكأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون )) النساء: 104 ، ويحصل لهم من معونة الله ومدده ما يبعثر المخاوف ، وقال تعالى : (( واصبروا ان الله مع الصابرين )) الأنفال : 46


2- السبب الثانى


الأكثار من ذكر الله فان لذلك تأثيرا" عجيبا" فى أنشراح الصدر وطمأنينته ، وزوال همه وغمه ، قال تعالى : (( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )) الرعد : 28 ، فلذكر الله أثر عظيم فى حصول هذا المطلوب ، ولما يرجوه العبد من ثوابه وأجره .



3- السبب الثالث

التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة ، فان معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم ، ويحث العبد على الشكر الذى هو أرفع المراتب وأعلاها حتى لو كان العبد فى حاله فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا . فانه اذا قابل بين نعم الله عليه التى لا يحصى لها عدد ولا حساب ، وبين ما أصابه من مكروه ، لم يكن للمكروه الى النعم نسبة .

بل المكروه والمصائب اذا ابتلى الله بها العبد ، وأدى فيها وظيفة الصبر والرضى والتسليم ، هانت وطائتها ، وخفت مؤنتها ، وكان تأمل العبد لأجرها وثوابها والتعبد لله بالقيام بوظيفة الصبر والرضى ، يدع الأشياء المرة حلوة فتنسيه حلاوة أجرها مرارة صبرها .

كما عبر النبى صلى الله عليه وسلم عن هذا فى الحديث الصحيح أنه قال : (( انظروا الى من هو أسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فانه أجدر أن لا تزدروا نعمه الله عليكم )) رواه البخارى ومسلم ، فان العبد اذا نصب بين عينيه هذا الملحظ الجليل ، رآه يفوق قطعا" كثيرا" من الخلق فى العافية وتوابعها ، وفى الرزق وتوابعه مهما بلغت به الحال به الحال ، فيزول قلقه وهمه وغمه ، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله التى فاق فيها غيره ممن هو دونه فيها .

وكلما طال تأمل العبد بنعم الله الظاهرة والباطنة ، الدينيه والدنيويه ، رأىربه قد أعطاه خيرا" كثيرا" ودفع عنه شرورا" متعددة ، ولا شك أن هذا يدفع الهموم والغموم ويوجب الفرج والسرور .



4- السبب الرابع

الدعاء بصلاح الدين والدنيا والأخرة ، الدعاء الذى كان النبى صلى الله عليه وسلم يدعوا به : (( اللهم أصلح لى دينى ألذى هو عصمه أمرى ، وأصلح لى دنياى التى فيها معاشى ، وأصلح لى آخرتى التى فيها معادى ، وأجعل الحياة زيادة لى فى كل خير ، وأجعل الموت راحه لى من كل شر )) رواه مسلم .

وكذلك قوله : (( اللهم رحمتك أرجو فلا تكلنى الى نفسى طرفة عين ، وأصلح لى شأنى كله ، لا اله الا أنت )) رواه أبو داود بأسناد صحيح .

فاذا لهج العبد بهذا الدعاء الذى فيه صلاح مستقبله الدينى والدنيوى بقلب حاضر ، ونية صادقة ، مع أجتهاده فيما يحقق ذلك . حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له ، وأنقلب همه فرحا" وسرورا" .



5- السبب الخامس

التوكل على الله والأعتماد عليه ، ومتى اعتمد القلب على الله ، وتوكل عليه ، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئه ، ووثق بالله وطمع فى فضله – اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم ، وزالت عنه كثير من الأسقام البدنيه والقلبيه ، وحصل للقلب من القوه والأنشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه ، فكم ملئت المستشفيات من مرضى الأوهام والخيالات الفاسده ، وكم أثرت هذه الأمور على قلوب كثيره من الأقوياء ، فضلا"عن الضعفاء ، وكم أدت الى الحمق والجنون ! والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعه المقويه للقلب ، الدافعه لقلقه ، قال تعالى : (( من يتوكل على الله فهو حسبه )) الطلاق : 3 أى كافيه جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه .

فالمتوكل على الله القوى القلب لا تؤثر فيه الأوهام ، ولا تزعجه الحوادث لعلمه أن ذللك من ضعف النفس ، ومن الخور والخوف الذى لا حقيقة له ، ويعلم مع ذلك أن الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفايه التامه ، فيثق بالله ويطمئن لوعده ، فيزول همه وقلقه ، ويتبدل عسره يسرا" ، وحزنه فرحا" ، وخوفع أمنا" ، فنسأله تعالى العافيه ، وأن يتفضل علينا بقوه القلب وثباته بالتوكل الكامل الذى تكفل الله لأهله بكل خير ، ودفع كل مكروه وضرر .

فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين .

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليقك شاركنا برأيك

عدد زوار الموقع

free counters